Home » , , » آفاقٌ تربوية [5] بين العبودية والوقاية

آفاقٌ تربوية [5] بين العبودية والوقاية

oleh: 
Dr. Fuad Abdoh As-Shofe, MA 
Dosen Mahad Aly An-Nuaimy 
Asal Republik Yaman





بقلم : فؤاد عبده محمد بكرين الصوفي *

ضعف المعاني الإيمانية وقلة الاهتمام بمولدات الطاقة الروحانية و قلة التأثر بالتوجيهات التربوية صارت ثُلما واضحًا في أوساط بعض المنتسبين للعمل الإسلامي والمتربين في أحضان رياضه ،والأدهى والأمر من ذلك إصابة بعض من امتطى مواقع مرموقة وتبوأ مقاعد قيادية في العمل الإسلامي المعاصر بذلك ، وحينما نعيش عن كثب مع أفرادنا وربما مع بعض قياداتنا نشعر بضعف الحس التربوي والمعاني الإيمانية التي كنا نلمسها من قبل .وإذا سعينا للبحث عن السر في ذلك لوَجدْنا أن السبب الرئيس :هو تواضع نصيبهم من الأعمال التعبدية وضعف أثر ه على النفوس مما أضعف المناعة لدى بعض المربين والمتربين وقلل التأثير والتأثر، لا سيما في واقعنا المعاصر .

ولو تأملنا في سلوك السلف وأحوالهم وكيفية عباداتهم ومقدار حرصهم على إتقان تلك العبادة والإكثار منها ؛لوجدنا ما يبهر العقول ويعجب النفوس ، وأدركنا كيف كانوا ينعمون بأجواء من الروحانية العالية التي تفرزها تلك الأعمال التعبدية السليمة والكثيرة والتي كانوا يجدون آثارها على سلوكهم ووارداتها على قلوبهم. 

وقد كان سيدنا حنظلة رضي الله عنه يشعر بتعكير صفوه وضعف روحانيته بمجرد مفارقته للجو الإيماني في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يكن يتعرض لمشاهد من المحرمات ، فقد ورد في الصحيح أنه ذهب إلى النبي صبى الله عليه وسلم فقال: ..نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما ذاك)؟فقال : يا رسول الله، نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنها رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا( ) الأزواج والأولاد والضيعات( ) نسينا كثيراً’’. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده، لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة) ثلاث مرات ( .) 

يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما’’ إن للحسنة ضياء في الوجه، ونوراً في القلب ، وسعة في الرزق، وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق’’( ) وحينما يكون ذلك الأثر قويا يحقق الوقاية من الوقوع في الزلل ومن التأثر به.

ويقول سعيد حوى رحمه الله :’’..إن العمل في الشريعة له وارادته على القلب وأن لكل نوع من العمل وارادته النورانية إلى قلب المسلم وأن هناك أعمالاً بعينها وارادتها في المقام الأعلى مثل التعلق في المساجد وكثرة الذكر والتسبيح وإقامة الصلوات وإيتاء الزكوات والخوف من اليوم الآخر’’( ) فكانت هذه الواردات تؤثر في نفوسهم وسلوكهم وينعكس ذلك التأثير على متربيهم، وذلك للإكثار منها ولإتقانهم لها وقلة تعرضهم للمشاهد المحرمة.
أما نحن اليوم فعباداتنا أقل من عباداتهم كما وكيفا وبالتالي فواردتها قليلة لا ترتقي بنا إلى مستوى الوقاية إضافة إلى ذلك ظهور الفساد في البر والبحر والجو. ففي البر مشاهد محرمة وفي البحر والجو كذلك فما من وسيلة من وسائل المواصلات أو إعلانٍ من الإعلانات إلا وتجد فيها مظاهر مما يغضب الله عز وجل ، تفسُّخٌ أخلاقي أو صور سافرة، أو موسيقى صاخبة وكل ذلك له أثر سلبي على رونق العبادة وضعف الشعور بوارداتها.

ولأن أدائنا للعبادات ليس كما كان السابقون وأن عالمنا اليوم مليء بالمظاهر المحرمة ؛ فإننا بحاجةٍ ماسةٍ للاهتمام بالأساليب التربوية الفردية منها والجماعية لنحقق مبدأ العبودية ولتنموا فينا المناعة . وهذا التحديث يكون بمضاعفة الكَم من أعمال البر ، و بالحرص على إجادة وإتقان العبادات كمّاً وكيفاً، كما أن الخطاب التربوي الموجه يستلزم أن يقوم باستنهاض همم المتربين للقيام بالعبادات على وجه أفضل. فالقيام بالفرائض في بيوت الله في جماعة مع المحافظة على نوافل الصلوات ونوافل الصيام ونوافل الذكر وسنن الأحوال بشكل مستمر يؤدي ذلك بدوره إلى رفع المستوى الإيماني في النفوس وبالتالي سيرتفع مؤشر الوقاية عندنا وعند المتربين. 

ثم الحث الدائم على الذكر الكثير سواء المتعلق بأذكار الصلوات أو أذكار الصباح والمساء أو الأذكار المطلقة، فلم يصف الله عز وجل نوعا من العبادات بالكثرة كما وصف الذكر فقد أمر الله بالإكثار منه فقال تعالى:(واذكروا الله ذكرا كثيرا) (الأحزاب/ 41 ) وامتدح عباده الصالحين بالذكر الكثير فقال سبحانه :(والذاكرين الله كثيراً والذاكرات) (الأحزاب /35).

علاوة على ذلك ضرورة الاهتمام بالجانب العلمي وخاصة فيما يتعلق بفقه معرفة الله وفقه القلوب ثم ما يلحق ذلك من العلوم النافعة ويقدم فيها الأقرب أثرًا على سلوك الفرد وممارسته ويضاف إليه قدرٌ كبيرٌ من فهم القرآن الكريم ومن فهم السنة النبوية. 

بهذه الوسائل وبالثبات عليها وتوعية الأفراد بممارستها سنحقق –إن شاء الله – قدراً كبيراً من لعبودية لله تعالى ،وسنكتسب تربية وقائية تقينا كثيرًا من آثار ما نسمع ونرى ونشاهدـ وستشيد هذه الأعمال في نفوسنا جدارًا يحصننا وحاجزًا مانعا من الوقوع في الزلل والتلوث بوبائه.
وفقنا الله جميعا إلى طاعته ووقانا من معصيته وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.


*المشرف العام على موقع الوفاق الإنمائي للدراسات والبحوث

 wefaqdev.net
Berbagi itu indah: :
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
 
Copyright © 2011. Mahad Aly An-Nuaimy - All Rights Reserved
Template by Creating Website